لاتحذف المواد آخر الفصل

فكرت أيّام الجامعة أنك ستحذف هذا مقرر الآن، وتشد حيلك الفصل القادم حتى توصل لمعدل أفضل؟

أو كم مرة شعرت بضغط هائل في حياتك العمليّة وبدأت تفكر بأن التحدي أكبر منك وأنه من الأفضل الانسحاب الآن والمحاولة مرةً أخرى مستقبلًا؟

لكن في الغالب لو قررت الانسحاب، فإن المحاولة القادمة لن تكون أفضل من هذه المرة، لأنها ستكون مجدداً محاولتك الأولى.

الألم لا يدوم، بعكس الانسحاب

قبل الجامعة، أحد معلمي الثانوية أعطاني نصيحة، وقال: لا تحذف أيّة مادة آخر الترم حتّى لو أقنعت نفسك أنك ستعود وتضيفها بترم آخر وتحقق نتائج أفضل. 


طبعًا حاولت ألتزم بالنصيحة جزئيًّا في مسيرتي الجامعيّة. ولكن مايدهشك هو ما تكشفه لك مسيرتك في الحياة. وهو أنك تتعلم وتتطور خلال العمليّة.

لو كان عندك مادة، وقلت الترم هذا قصّرت، وقررت احذفها وأشد حيلي فيها الترم القادم. 

غالبًا ماراح يمديك تؤدي الترم القادم أفضل من أدائك هذا الترم.

تقول، لكن الظروف ستختلف؟

صحيح، لكن عاداتك اليوميّة التي صنعت هذه الظروف صعب جدًا تتغير في يوم وليلة. 

نقطة أخرى، عادة (الانسحاب) في اللحظات الصعبة مثل قرارك بحذف المادة، مالذي سيضمن لك عدم تكرارها نهاية الترم القادم والترم الذي يليه … الخ.

لو بذلت كامل تركيزك في هذه اللحظة لكتابة مقال، فغالبًا هي أفضل نسخة ستكتبها من المقال. حتى لو انتظرت للغد لتستيقظ بوقت أبكر، وتأكل طعام أفضل، وتشرب قهوة ألذ لحظة بدايتك للكتابة، ففي الغالب ستكون بنفس جودة النسخة التي ستكتبها الآن. وقس على ذلك بقية الأعمال.

لكن عقلك ماهر جدًا في إقناعك بصعوبة الأمر أو فوائد تأجيله. لأنه مبرمج أن يبقى في وضع توفير الطاقة لأطول مدّة ممكنة.

ومـا اسـتـعـصـى عـلى قوم منال 

إذا الإقــــــــــــــدام كـان لهـم ركـابا

أحمد شوقي

وحتى تتطور في عمل ما، لا بد أن تعمله بكامل تركيزك الآن. ثمّ بعد الانتهاء حاول تحسينه. على سبيل المثال كانت ومازالت أحد أفضل طرق التعلم هي تعليم الآخرين الشيء الذي تحاول أن تتعلمه. 

العملية بذاتها (أيًّا كانت) هي ما سيجعلك تتطور. وإن كررتها غداً ستقوم بها بشكل أفضل. لكن لابد أن تعمل حتى تتطور.

وليس تقرأ أكثر، تستشير، تسمع بودكاست، تتفرج يوتيوب … الخ. رغم فائدتها لكن ليست بفائدة أن تقوم بالعمل.

تحتاج أن فقط تعمل.

إذا كنت مديرًا وحاولت إيكال بعض المهام لبعض فريقك، من الطبيعي أن يكون أداءهم متواضعًا في المرة الأولى.

مهما حاولت تهيئتهم، تشرح لهم، تدربهم وغير ذلك. المرة الأولى ستكون سيئة، وسيتعلمون خلالها، المرة الثانية ستكون أفضل قليلًا، المرة الثالثة ستكون ممتازة وبعد المرة الرابعة لن تحتاج لأن تقلق.

أول برنامج ستكتبه بلغة برمجة جديدة سيكون متواضعًا، المرة الثانية ستكون أفضل، الثالثة ستكون تحسنت كثيرًا.

أول بحث ستكتبه، أول ركلة حرّة تسددها، أو عرض تقديمي لك، كلها ستكون متواضعة هذه هي البدايات، الهدف منها أن تتعلم خلالها. 

الشرط الوحيد لأن تتعلم خلال العملية، هو التركيز المطلق أثناء العمل -أن تبذل كل مابوسعك.

المهم هو عدد المرات المكتملة ، وليس كم من الوقت قضيت على مرة واحدة.

مهما كانت صغيرة، مهما كانت بسيطة، المرة التالية ستكون أكبر قليلًا. المهم أن تكمل الأمر لاتستسلم وتعيد الكرّة.

الهدف من هذا المقال دفعك لفعل أمر تفكر في فعله منذ فترة طويلة، سم بالله وابدأ مهما كانت الخطوة صغيرة.

والهدف كذلك أن كنت تواجه صعوبة في أمر الآن، لا تتوقف توكل على الله واستمر.

أنا تجسيد للأخطاء، إن ما يشكلك وما يصنعك هي الأخطاء. أنت تتعلم الكثير منها ولا تتعلم أبدًا من نجاحاتك.

الأمير عبدالعزيز بن سلمان آل سعود

وأختم بهذا المقطع القصير لسمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان عن الأخطاء: